الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية في بلدية الكرم: يجري تحويل واجب ديني فردي الى مؤسسة سياسية لتجار بيع الوهم للعوام... بقلم الباحث في تاريخ الأفكار عفيف البوني

نشر في  18 ماي 2020  (08:56)

بقلم الباحث في تاريخ الأفكار عفيف البوني

وجد الفقر والفقراء في كل التاريخ بكل مكان، وفشل الانبياء وفشلت الاديان في القضاء على الفقر او الحد منه بالصدقات و بالزكاة وبالرحمة و بالادعية و بالصلوات و بالصوم... وفي التاريخ حدثت حرب "الردة" كأول حرب في تاريخ المسلمين ضد حرية الاعتقاد في ظاهرها وفي حقيقتها حرب حكام المسلمين من اجل جمع اموال الزكاة بالسيف والاكراه الى حد القتل الجماعي بأمر ابي بكر الصديق و عبر رموز  اشتهرت بتقتيل من لا يدفع الزكاة للحاكم مثل خالد بن الوليد...
منذ ذلك الوقت انحرف حكام المسلمين و حولوا الزكاة من واجب المسلم تجاه من يستحق و باختياره من الافراد، الى مؤسسة رسمية ايديولوجية حزبية تسلطية في ايدي الحاكمين و اعوانهم من رجال الدين.
واليوم يقوم رئيس بلدية الكرم بصفته الحزبية الاخوانية، باعادة  مأسسة صندوق للزكاة في اطار التوظيف الشعبوي والسياسي للاسلام، و سكان الكرم لم ينتخبوه بصفته اماما او مفسرا للدين و لا بصفتهم مسلمين، بل انتخبوه بصفتهم مواطنين ليخدمهم و يجعل مرافق المدينة كما يجب، وهم يعرفون ان كل وعود رجال الدين من كل الاديان كما وعود كل السياسيين في العالم في ما يخص القضاء على الفقر، هي وعود كاذبة و شعبوية، بل ان وجود الفقر و الفقراء مع الجهل، هو الذي يفسر وجود من، من الرجال و الاحزاب يتاجر بالدين و يوهم بحل مشكل الفقر بالزكاة...
رئيس بلدية الكرم يبيع الوهم للمساكين، كما انه وهو الدارس المفترض للقانون، يجهل ان تفسير النص على لفظة الاسلام في الدستور، يحتكر حدود معناها الدلالي وتطبيقاتها، وحدهم علماء الاجتماع و السياسة و فقهاء القانون الدستوري و المحكمة الدستورية المؤجلة منذ 2014 من طرف حزب العيوني و الذي يجهل ان تطبيق الدستور في مثل موضوع الزكاة، لا يكون الا من خلال قانون.
فحتى القاضي لا يطبق الدستور الا حصرا من خلال نص قانوني، ومشروع قانون حزب العيوني رفضه مجلس النواب، والسيد رئيس بلدية الكرم، قد لبس جبتين ليستا له، جبة رجل الدين، وهو يتاجر بالدين، ويجهل تاريخ المسلمين بسبب فهمه السطحي للاسلام  و للاقتصاد حيث حول الواجب الفردي و الديني للمسلم الى عمل سياسي و حزبي للبلدية، و لبس جبة رجل القانون، وهو ينتهك القانون والدستور حين يطبق ما لا نص عليه في الدستور، و على ما تم رفضه من مجلس النواب.